سعاد اغجو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
سعاد اغجو

التواصل بين الاصدقاء وطرح المواضيع لنقاش


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

قواعدُ أساسيةٌ في الإسعافاتِ الأوليّةِ

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

سعاد اغجو

سعاد اغجو
Admin





- السّلام عليكم يا أبنائي.
- وعليكم السّلامُ يا أستاذُ. لقد تأخَرتَ علينا اليومَ يا أستاذ.
- عُذراً يا أبنائي على تأخُّري، فقد شاهدت حادثاً مرورياً في طريقي
إلى المدرسةِ، وقمتُ بالمساعدةِ ريثما حضرت سيارةُ الإسعافِ.
- حادثٌ!
- نعم. كان حادثاً مروّعاً يا أبنائي.
- وما سببُ الحادثِ يا أستاذ؟
- السرعةُ، فهي السببُ الأولُ لحوادثِ المرورِ.
- وماذا فعلتَ يا أستاذ؟
- من حُسنِ حَظِّي أنني أخذتُ دورةً في
الإسعافاتِ الأوليةِ منذُ شهرين، وقد نفعتني اليومَ، وجاءت في وقتها.
- دورة؟ هل يحتاجُ المُسعِفُ دورةً تدريبيةً؟
- نعم يا خالد. فالذي لا يعرف كيف يُسعِفُ يمكن أن يكون ضررُه أكثرَ من نَفعِه.
- كيف؟
- اسمعوا يا أبنائي.
إسعافُ المرضى علمٌ وفنٌّ، ولا بُدَّ للمسعفِ من إدراكٍ كاملٍ ودرايةٍ تامةٍ بما يفعلُ،
وإلا انقلبَ عمله خَطَراً على المصابِ، ولا بدَّ للمسعفِ من القيامِ بالآتي:
1- إبعادِ المصابِ عن مصدرِ الخطرِ، سواء كان حادثاً أو حريقاً أو غير ذلك.
2- فَكِّ الأربطةِ والأحزمةِ والملابسِ الضيقةِ.
3- البحثِ عن أيِّ جسمٍ غريبٍ
قد يكونُ في فمِ المصابِ، كالأسنانِ الصناعيةِ، أو بقايا قيءٍ،
أو دمٍ إذا كان المصابُ في حالةِ إغماءٍ، وإزالةِ هذا الجسمِ،
مع إمالةِ الرأسِ جانباً وإلى الأسفل لتسهيلِ عمليةِ التنفسِ.
4- إجراءِ تنفُّسٍ اصطناعيٍّ من الفمِ للفمِ إذا كان التنفسُ متوقِّفاً.
5- عند وجودِ نزفٍ لا بُدَّ من إيقافه بالضغطِ
عليه بالأصابعِ، أو برباطٍ ضاغطٍ، أو قطعةِ قُماشٍ نظيفةٍ.
6- الإسراعِ في نقلِ المصابِ إلى أقربِ مركزٍ
صحيٍّ، مع الانتباهِ والحرصِ الشديدِ في نقلِ المريضِ
وهو في وضعيةِ استواءٍ للظهرِ، وعدم حَنْيِ الظهرِ
، فربما يكون مُصاباً بكسرٍ في العمودِ الفِقْري، بحيث
يشكّل أيُّ ضغطٍ على العمودِ الفِقْريّ إلى شللٍ، لا قَدَّرَ اللهُ.
7- الانتباهِ إلى وجودِ نزفٍ داخليٍّ، ومن علاماته شُحوبُ الوجهِ، والعطشُ،
وسرعةُ التنفسِ، وبرودةُ الأطرافِ، وسرعةُ النبضِ وضعفُه.
8- كما يجب الانتباهُ إلى أن المغمى عليه لا يُعطى أيَّ شيءٍ في الفمِ.
- وهل قمتُ بهذه الأشياءِ كُلِّها يا أستاذُ؟
- طبعاً لا. فالمصابُ يُعطى ما يناسِبُ حالته يا ناصرٌ. كما أنني لم أصبحْ طَبيباً بعدُ.















ما هي اللقاحاتُ؟
د. ياسر الدّرويش




مَرحباً يا أصدقائِي.
كنتُ قد نَصحتُكم بأخذِ اللَّقاحاتِ الضروريةِ قبلَ السفرِ، ولكن هل تَعلمونَ ما هي اللقاحاتُ؟
حَسناً، سأوضحُ لكم المقصودَ مِنها، حَتَّى تُقدِمُوا عليها وأنتم تعلمونَ فَوائدَها.
قبلَ عشراتِ السنينَ كان الأطباءُ يُعطُونَ الشخصَ جُزءاً بَسيطاً من المرضِ لِيُنشِئَ له الجسمُ بفضلِ اللهِ أضداداً لمقاومةِ هذا المرضِ، ولأنَّ الجزءَ المُعطَى للجسمِ ضعيفٌ وبسيطٌ فإنَّ الجسمَ لا يتأثَّرُ كثيراً، بل تُصبِحُ لديهِ مقاومةٌ لهذا المرضِ.
ومنذُ أن اكتشفَ إدوارد جِينَر في 14 أيار/مايو 1796م أنَّ استخدامَ كميةٍ قليلةٍ من جُدَرِيِّ البقرِ يُمكِنُ أن تَحميَ الناسَ من مَرضِ الجُدَرِيِّ القاتلِ بدأَ استخدامُ اللقاحاتِ سلاحاً فَعّالاً ضِدَّ الكثيرِ من الأمراضِ. طبعاً لا يُمكِنُ أن نقاومَ الأمراضَ جميعَها بهذه الطريقةِ، ولكنَّ العديدَ منها يُمكِنُ مَنعُهُ بِها.
وتُعَدُّ اللقاحاتُ إجراءاتٍ ضروريةً فعالةً للمسافرينَ عَبرَ العالَمِ، ويَتِمُّ باستمرارٍ تطويرُ لقاحاتٍ أكثرَ فعاليةً وأماناً، وباتَ باستطاعةِ المسافرينَ إلى مناطقَ بعيدةٍ في عالَمِنا أخذها دُونَ التعرضِ لأخطارٍ كان يتعرضُ لها المسافرونَ من قبلُ.
كما أنَّ اللقاحاتِ أصبحت آمنةً في هذه الأيامِ، والتقنيةُ الحديثةُ جعلت الخوفَ من شكلِ الحُقنةِ (الإبرة) ومن زِيارةِ مركزِ اللقاحِ جزءاً من الماضي، فلا تَتردَّدُوا يا أصدقائي في زيارةِ مركزِ اللقاحِ أو المستوصفِ لأخذِ اللقاحاتِ المناسبةِ، فقد تَقِيكُم أمراضاً كثيرةً بإذنِ اللهِ تَعالَى.
ولكنْ مَتَى تُؤخَذُ اللقاحاتُ؟
يؤكِّدُ الأطباءُ على أنَّ اللقاحاتِ تأخذُ وقتاً لتعملَ بفعاليةٍ، فإذا كانت مُدّةُ الرحلةِ تتراوحُ بين أسبوعينِ وثلاثةِ أسابيع فمِن الأفضلِ أن تُؤخذَ اللقاحاتُ قبلَ شهرٍ من الرحلةِ. أمّا إذا كانت الرحلةُ لمدةٍ أطولَ فيُفضَّلُ أن تُؤخذَ قبلَ شهرينِ، أو أكثرَ من بَدْءِ الرحلةِ.
إجازةً سعيدةً، وسفراً ميموناً يا أحبتي














السلامةُ في السفرِ (اختلافُ مناطقِ التَّوقيتِ)
د. ياسر درويش



مرحباً يا أصدقائي، وكلَّ عامٍ وأنتم بألفِ خيرٍ.
من الأمورِ التي تَنبَغِي مُلاحظتُها عندَ السفرِ إلى بلدانٍ بعيدةٍ اختلافُ التوقيتِ بينَ بلدٍ وآخرَ، ولا سِيَّما في المسافاتِ البعيدةِ جدّاً، حيثُ قد تَصِلُ الفروقُ إلى عدةِ ساعاتٍ بينَ البلدِ الذي سافرتَ منهُ، والبلدِ الذي تَصِلُ إليهِ.
قد تقولُ: المشكلةُ بسيطةٌ، وما عليَّ سِوى تَقدِيمِ ساعتي أو تأخيرِها لتناسبَ التوقيتَ في البلدِ الذي أصِلُ إليهِ!
ولكن هل تَعلَمُ -يا صديقي- أن في جسمِك ساعةً بيولوجيةً خاصةً رَكَّبَها فيهِ اللهُ الذي أحسنَ كلَّ شيءٍ خَلَقَهُ، سبحانَه وتَعالَى؟!
قد تَستطيعُ يا صديقي تَعديلَ ساعتِكَ، ولكن عليكَ أن تتذكرَ أن جِسمَكَ لا يُعدِّلُ ساعَتَهُ بشكلٍ تلقائيٍّ، ولسوفَ تشعرُ بالنعاسِ في الوقتِ الذي تعوَّدتَ أن تنامَ فيهِ، حَتَّى لو كانَ الوقتُ مُختَلِفاً في البلدِ الذي وصلتَ إليهِ، ولهذا عليكَ أن تعاملَ جِسمَكَ بلطفٍ، فأنتَ ستحتاجُ إليهِ فيما بعدُ سليماً مُعافًى.
ويمكنُ القولُ: إنَّ جسمَكَ يحتاجُ إلى يومٍ واحدٍ ليتلاءمَ مع كلِّ ساعةِ اختلافٍ في التَّوقيتِ، فلو كان الفرقُ بين بلدكَ والبلدِ الذي وصلتَ إليهِ ثلاثَ ساعاتٍ فستحتاجُ إلى ثلاثةِ أيامٍ ليتأقلمَ جِسمُكَ على الوضعِ الجديدِ، ويعدّلَ ساعتَهُ الخاصةَ!
لهذا يا صديقي حاول ألا تُجهِدَ جسمَكَ بإجباره على وضعٍ جديدٍ بشكلٍ مفاجئٍ، فلو وَصَلتَ مُتعَباً وكان الوقتُ نَهاراً فلا بأسَ في قِسطٍ من النومِ والراحةِ؛ لأنَّ ساعةِ الجسمِ تكونُ قد دَقَّت على وقتِ النومِ، فلا تحاولْ إقناعَها بأنَّ الوقتَ نهارٌ، ولا مجالَ للنومِ.
إجازةً سعيدةً، وسفراً ميموناً يا أحِبَّتِي
















الصَّديقان
بقلم/ عبدالناصر محمد مغنم



جلسَ أسامةُ على أريكتِهِ وجعلَ ينظرُ إلى سَاعتهِ وهُو في حِيرةٍ مِنْ أمرِهِ.. فقالَ وهوَ يَشْعُرُ بالضّيقِ : لماذَا يَا عِصَام .. لقدْ وَعَدْتَنِي بالاتّصَال .. مَا الذي حصَلَ لَكَ ..
وفجأةً .. رنّ جرسُ الهاتفِ فأسرعَ أسامةُ والتقطَ السّماعةَ وهُو يصيحُ : نَعَمْ .. مَنْ ؟.. عصَام .. مَاذَا حَصلَ لكَ ؟ مَاذَا ؟ .. غيرُ معقول .. وهَلْ أصابَكَ مكروهٌ يا عزيزي ؟
أطرقَ أسامةُ قليلاً وهُوَ في حالةِ ذُهُول ثُمّ قال: سَوفَ آتيكَ في الحَال .. رُبعُ ساعةٍ وأكونُ عِندكَ بمشيئةِ الله ..
وفي المُستشفَى كانَ أسامةُ يجلسُ قربَ صديقهِ عصام الذي تمدَّدَ على السَّريرِِِِِ وقدْ لُفَّ رأسُهُ بلفافةٍ طبيَّة، وجعلَ يقولُ له :
- لا تَهتمَّ كثيراً يَا عِصَام .. فسَيَّارتي ومَالي كُلّه فداء لَك .. والمهمُّ أنَّك بخيرٍ ولمْ تُصبْ إلا إصاباتٍ طفيفةٍ ستشفى منهَا قريباً بإذنِ الله .. رغمَ أنَّ الحادثَ كانَ مُروِّعاً ..
شعرَ عصامٌ بالحرجِ لهذَا الكرمِ مِنْ صديقهِ ، فقالَ بصوتٍ ضعيفٍ :
- أنا آسفٌ يا صَديقيَ العزيز، فلمْ أكُنْ أتوقَّعُ أنْ يحصلَ لي هَذَا الحادثُ المروِّع، فقدْ فُوجِئتُ بالشَّاحِنةِ تَفْقدُ تَوازُنَهَا وتتَّجهُ نحوِي .. وشاءَ الله أنْ تَتحطَّمَ سيارَتُك وأنْجُو .. وتمنيْتُ أنِّي مُتّ ولمْ تُصَبْ سيارتُك ..
سمعَ أسامةُ هذهِ الكلماتِ فنهضَ وهُو يقول : مَاذَا تقُول ؟ هَلْ جُنِنْتَ يا عِصَام .. سَيَّاراتُ الدُّنيَا كلُّهَا لا تُساوِي حياتَك يا أخي .. فأنتَ أغْلى مِنْ كُلِّ المالِ بالنِّسبةِ لِي .. ويكفِينِي أنَّ الله عزَّ وجلَّ أبْقَى لي الصَّديقَ الوفِيَّ الحميمَ فلمْ أفقدُه .. فهذهِ عِندِي نعمةٌ عُظمى ..
أحسَّ عِصامٌ بصدقِ العَاطفةِ لدى صديقهِ أسامة، وشعرَ بأنَّهُ يملكُ ثروةً لا تُقدَّرُ بثَمنٍ، فقال :
- جزاك الله مِنْ صديقٍ طيِّبٍ خيراً، فأنتَ نِعْمَ الأخُ يَا أُسَامة..











الكذّاب
د. وليد قصّاب



كان هنالك راعٍ للأغنام في إحدى القرى. وكان هذا الراعي طيّبَ القلبِ
، بشوشَ الوجهِ، يحبُّ أهلَ قريتِه، ولا يقصِّرُ في خدمتِهم,
ولكنه كان مُبتلى بصفة ذميمةٍ جداً، وهي الكذبُ.
كان يقصُّ على منْ حوله
أحاديثَ وحكاياتٍ شائقةً مسلِّيةً على أنها حقيقيةٌ, وأنها قد وقعت لأناسٍ بأعيانِهم,
ولكنها جميعا كذبٌ، ولا أصلَ لها من الصحة، ولا وجودَ لأصحابها أصلاً.
كان هذا الراعي يحبٌّ الدُّعابةَ والمزاحَ، ويريدُ تسليةَ الناسِ, وإدخالَ السرورِ والبهجةِ إلى قلوبِهم. وكان يحسبُ أن ذلك من
التسلية والدعابةِ, إذا راجعه أحدٌ، أو اكتشف عدمَ صحةِ ما يقولُه؛ يجيبُه ضاحكاً :
- كنتُ أمزحُ معكم.. ألا تحبُّون المزاحَ؟
قال له شيخُ القريةِ أكثرَ من مرَّةٍ :
- أنت رجلٌ طيِّبُ القلبِ، ولكنك تخلطُ بين المزاحِ والكذبِ ولا تميّزُ بينهما. المزاحُ يا بنيَّ لا يعني قلبَ الحقائقِ، وتزييفَ الأمورِ،
واختراعَ أشياءٍ لا وجودَ لها ونسبتَها إلى أناسٍ معينين. المزاحُ دعابةٌ بريئةٌ لإدخالِ التسليةِ والمرحِ على النفوسِ
, ولكنه حقٌّ لا تزييفَ فيه. وقد كان رسولُ اللهِ – صلّى اللهُ عليه وسلَّم-
يمزحُ, ولكنه لا يقولُ إلا حقاً. وأما الكذب فخَصلةُ ذميمةٌ جداً, وهي من علاماتِ
النفاقِ كما قال رسولُنا الكريمُ عليه السلامُ.
ولكنّ هذا الراعيَ قد تعوّد على الكذبِ، حتى صار له طبعا. وما أكثر ما أيقظ جيرانَه وأصدقاءه من نومِهم داعيا إياهم أن يهبوا إلى نجدتِه لأنّ ذئبا كبيرا قد هجم عليه وعلى أغنامِه ! ويهبُّ الذين دعاهم بفؤوسِهم وعصِيِّهم وبما
يملكون لنصرتِه والدّفاعِ عنه, ولكنّ هذا الرّاعيَ الكذّابَ يضحكُ عندما يراهم، ويقولُ لهم:
- ها.. ها..كنتُ أمزحُ معكم.
. ليس هنالك ذئبٌ ولا غيرُه.
فيعودُ هؤلاء الناسِ إلى بيوتِهم مستاءين من هذا الكذبِ الثقيلِ الذي يسمِيه صاحبُه مِزاحاً.
فعل الراعي ذلك بأهلِ قريتِه عدَّةَ مرّاتٍ, وهم في كلِّ مرّةٍ يصدّقونه،
ويهبُّون لنجدتِه, شهامةً منهم، ولِما عُرف به هذا الراعي من الطِّيبةِ ومساعدةِ الآخرين.
إلى أن كان يومٌ وهجم على الراعي
وأغنامِه ذئبٌ حقيقيٌّ، فراح الراعي المسكينُ يستغيثُ، وينادي في الناسِ كما اعتادَ:
- يا جيراني.. يا أهل القريةِ! أنقذوني ..
أعينوني..لقد هجم ذئبٌ ضخمٌ على أغنامي..
ولكن أحداً من أهلِ القريةِ لم ي
ستجيبْ له؛ حسبوه يمزحُ كالعادةِ. وعندما خطر في بالِ أحدِهم أن يهُبَّ لمساعدتِه قال له آخرُ:
- اجلسْ يا أخي.. لا يوجدُ ذئبٌ ولا غيرُه.. أنت تعرفُ كذبَ هذا الرجلِ الذي يسمِيه مِزاحاً ومداعبةً..
وبقي الراعي يصيحُ ويصيحُ بأعلى صوتِه مستغيثاً، ولكن ما من مجيبٍ. لم يصدِّقه أحدٌ. كان كلُّ من يسمعُ صراخَه يقولُ لصاحبِه:
- لا تصذِّقْ.. إنه يمزحُ.. ألا تعرِفُه؟
وهجم الذئبُ على أغنامِ الراعي فأكلها, وكاد يفترسُ صاحبَها معها










صبرُ أيُّوب
بقلم: د. وليد قصاب



اشتُهرَ نبيُّ الله أيوبُ – عليه الصلاةُ والسلامُ- بالصَّبرِ حتى ضُرِبَ به المثل، فصارَ يُقال: " صبرُ أيوب" و"أصبرُ من أيوب" وما شاكلَ ذلكَ من العبارات.
وقد ابتَلى الله أيوبَ بأنواعٍ من المِحَنِ والشَّدائدِ، فما كانَ إلا جَلداً صبوراً قويًّا.
آتى الله أيوبَ مالا كثيراً، وخيراً عميماً، فكانَ ذاكراً شاكراً متحدِّثا بنعم الله عليه، مؤدِّياً حقَّ المالِ الذي رُزِقَهُ، ثمَّ امتحنَه الله، فأخذَ منه المالَ فصبَرَ ولم يَجزع أو يتبرَّم، أو يَشْكُ.
ورزَقَ الله أيوبَ أولاداً وذرِّيَةً طيبةً، ثمَّ امتحَنَه فيهم، فماتَ أولادُه جميعاً وهم سبعةٌ من الذُّكور، وسبعةٌ من الإناثِ، فصبرَ على ذلكَ واحتَسَب الأجرَ والثَّواب عند الله تعالى.
ثمَّ امتحنه الله بالبلاءِ والمرضِ، فاعتلَّ بدنُهُ، وضَعُفت صحَّتُه، وبدأ جلدُهُ يتساقطُ فصبَرَ كذلكَ وتجلَّدَ.
وبسببِ هذا الصَّبر العجيبِ الذي أظهَرَه أيوبُ وصَفَه الله تعالى بقوله : {إنا وجدناهُ صابراً}.
وقد بقيَ أيوبُ في هذا البلاءِ والمحن ثمانيةَ عشر يوما، وهو لا يُظْهِرُ شكوى ولا جَزَعاً، ولما رأت زوجتُه ما نزَل بهم وبهِ من بَلاءٍ لم يعُد يُطاق، قالت له:
- لو دعوتَ الله حتى يكشفَ عنك!
فقال لها أيوب: أتذكرينَ كم لَبِثْنا في النعيمِ والرَّخاءِ يا امرأة.
قالت المرأة: لَبِثنا ثمانينَ سنةً.
فقالَ أيوبُ: إني لأستحي من ربي أن أدعُوَه وما لبثتُ في بلائي تلكَ المدَّة التي لبثتُها في رخائي. إن هي إلا ثمانيةَ عشر عاما.
ولما اشتدَّ الكربُ والفقرُ، والمرضُ على أيوب حتى لم يعُد يُطاق، دعا ربَّه قائلا:
{إني مسَّني الضرُّ وأنت أرحمُ الراحمين}.
ودعاهُ مرَّةً أخرى قائلا:
{إني مسَّني الشيطانُ بنُصُب وعذاب}.
فأوحى الله إليه أن يضربَ برجله الأرض، فضربَها فَنَبعت فيها عينُ ماء صافية، وقيل له:
(هذا مغتسلٌ بارد وشراب)- أي هذا ماءٌ تغتسلُ به وتشربُ منه: فاغتسلَ أيوبُ بهذا الماء، وشربَ منه، فذهبَ ما كانَ فيه من المرضِ، وما في جسده من المرضَِ والسَّقم.
وأكرمَ الله أيوبَ أكثرَ، وجازاه على صبرهِ وجَلَدِه، وردَّ عليه ماله ورزقه. وكان ذلكَ كله رحمة من الله تعالى لصبرهِ وإخلاصه، وهو معنى قوله تعالى: {فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرٍّ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}.











ريحانة..!!
بقلم: عبد الناصر محمد مغنم



شعرتْ ريحانةٌُ بصُداعٍٍ وهي تجلسُ على مقعدِهَا في صَفِّها في المدرَسة .. تَغيَّرَ لونُهَا فأحْنَتْ رأسَهَا بهدُوءٍ وأسْندَتْهُ على طَاولَتِها الصّغِيرَةَ ..
دخلت المعلمةُ الصَّفَ وراحتْ تتأمَّلُ طالبَاتِها الصَّغِيراتِ اللاتِي كُنَّ كالورودِ والرياحين الجَميلةِ في البُسْتان .. تبسمتْ لهُنَّ وحيَّتهُنَّ .. ولكنَّها عنْدَمَا رأتْ ريحَانَة تَغُطُّ في نَوْمٍ عَميقٍ على طَاولتِها عبَسَتْ وصاحَتْ بِهَا ..
- رَيْحانَة .. رَيْحَانَة ..
رفعَتْ الطفلَةُ رأسَهَا بِبطءٍ ثمَّ قالتْ : أنَا آسفةٌ يَا مُعَلّمتِي .. لا أعرفُ كيفَ نِمْت ؟!!
هزَّتِ المعَلِّمةُ رأسَهَا وقالتْ : هذهِ ليست المرَّةُ الأولى يَا ابنتي .. لماذَا أنتِ هَكذا دائماً .. ألا تنامينَ في البيت ؟!!
قالت ريْحانةُ : بلى يا معلمتي ..
المعلِّمَةُ : ولماذَا تنامين في الصف إذاً ؟!!
ريحَانة : لا أدري ..
ضحكتْ بعضُ التِّلميذات، فأمَرتْهٌنَّ المُعلِّمةُ بالسُّكوتِ والمَحافظةِ على الهدوء .. ثمَّ عادتْ إلى ريْحَانة وقالتْ لهَا : لا تَعُودي لمثْلِها يَا رَيْحانَة .. أفَهِمْتِ ..؟!
أجَابَتْ ريْحانةُ: حسناً يا مُعَلِّمَتي ..
وتحاولُ ريحانةُ أنْ تقاومَ الصُّداعَ الشديدَ .. وتمضِي المعلمةُ في إلقاءِ دَرْسِهَا .. وتُلاحظُ شرودَ ريْحانةٍ وعَدَمَ انْتِباهِها .. تُوجِّهُ لهَا الأسئلةَ فلا تَسْتطيعُ الإجَابَة..
المُعلِّمة : ماذَا أصابكِ يا رَيْحَانَة .. ؟!
تنظرُ إلى المعلِّمَةِ دونَ أنْ تستطيعَ الكلام ..
المُعلِّمة: لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله ..
ويُقرعُ الجرسُ وتسرعُ الطالباتُ للخروجِ إلى ساحةِ المدرسَةِ للفُسْحةِ..وتظلُّ ريحانةٌ جالسةً على مقعَدِهَا الصَّغيرِ .. تُشيرُ المعلمَةُ إليْهَا بالخُروجِ لتناوُلِ فُطورِهَا معَ الطّالباتِ في السَّاحةِ..
تنهضُ ريحانةٌ ببطءٍ وتشعرُ برَجْفةٍ في سَاقَيْها .. تَستندُ إلى الطاولةِ .. تميلُ إلى الجِدارِ .. تسقطُ حقيبتُها الصَّغيرةُ مِنْ يَدِهَا .. تدورُ عيناهَا وكأنَّها وسطَ ضبابٍ كثيفٍ .. تَهْوي على الأرض فاقدةً وَعْيَهَا ..
تسْرعُ المعلمةُ نَحْوهَا .. تصرخُ على الطالباتِ ليُسرعنَ إلى الإدارةِ لاستدعاءِ الطَّبيبةِ..
المُعلِّمة : ريْحَانَة .. ريْحَانَة ..
تَهُزُّها وتحاولُ إيقَاظهَا .. تأتي إحدى المعَلِّماتِ بالماءِ .. ترشُّ بعضَهُ على وجْهِ ريْحَانَة .. تضعُ على أنفِهَا قُطنةً مُبلَّلةً بالعِطْر .. تفتحُ ريحانةٌ عَيْنَيْها فترَى المُعلِّمات وقدْ أحَطْنَ بهَا وهُنَّ خائِفَاتٌ عليْهَا ..
المُعلِّمة: ما بكِ يا ابنتي ؟!! ماذَا أصَابَكِ ؟!
ريْحانَة : إنَّني جَائِعَة ..
المُعلِّمةُ : ألمْ تتنَاولِي طَعامَ إفطارِك يا ابنتي ؟!
ريْحانَة : كلاّ .. لمْ أتناول الطَّعامَ منذُ صباحِ الأمْسِ ..
تمسحُ المعلّمة دمُوعَهَا ثُمّ تبحثُ في حقيبتِهَا عن طَعامٍ رُبّما وضَعَتْه لهَا أمّها في حقِيبَتِهَا ..
المعلمَةُ : لا شيءَ في الحَقِيبة .. ألمْ تُحضرِي شيئاً مِنَ البَيْت ؟!
ريْحانة : كلاّ .. فلا يُوجدُ لديْنا طعامٌ في البيت !!
المُعلِّمةُ : أليسَ معكِ نقودٌ لشراءِ الطّعام ؟
ريْحانة : كلاّ .. فليْسَ معَ والدِي أيَّ نُقودٍ .. إنّهُ فقير الحَال ..
شعَرتْ المُعلّماتُ بالحُزنِ الشَّديدِ لحالةِ ريْحانة .. سالتْ دُمُوعُهُنَّ حسرةً عليْها .. أسْرعْنَ لإحْضارِ الطَّعامِ لهَا ..
إحْدى المُعلِّمات: تفضَّلي يَا ابْنَتي .. هَذَا كُلّه لَكِ ..
نظرتْ إليهِ ريحانةٌ بِسرورٍ .. مدَّت يَدهَا وجعَلتْ تأكلُ منهُ وهيَ تمْسَحُ عنْ عينيْهَا دُموعَ الأسَى.. كانَ الفرحُ يغمرُ المعلِّمَاتِ وهُنَّ يَنظُرْنَ إليْهَا فرحةً مَسْرُورَة ..
فَتحَتْ حقِيبتَهَا ووضَعَتْ بعضَ الطّعامِ فِيهَا ونَظرتْ إلى المُعَلِّماتِ حوْلَهَا .. وقالتْ: إنَّهُ لأمِّي وأبِي .. إنَّهُمَا جائِعانِ أيْضاً











البذل والتضحية
بقلم/ عبدالناصر محمد مغنم



عادَ مُحمَّدٌ منَ المَدْرسَةِ وفكرُهُ مشْغُولٌ بمَا ذكَرهُ المعلِّمُ عنْ جَارِهِ الفقيرِ الذي مكثَ سنينَ طويلَةً وهُوَ في حَالَةِ فقرٍ شديدٍ دونَ أنْ يُخبِرَ جيرانَهُ بذلكَ، رغْمَ مَرضِهِ وحاجَتِهِ الشّديدَة للمَال ..
ولمْ يعرفْ المعلِّمُ عنْ حَالَتِهِ إلا بعْدَ أنْ رأى ولَدَهُ يبحثُ في القُمَامَةِ عنْ شيءٍ يأكلُهُ لعَدمِ وجودِ طعامٍ في بيْتِهِمْ بسببِ مرضِ أبيهِ وعدم قدرتِهِ على العَمَل ..
أسْرعَ محمّدٌ نحْوَ والدِهِ وطَلبَ منهُ أنْ يسْمحَ لهُ بأنْ يعْطيَ كلّ ما جمعَهُ مِنْ مالٍ في حصّالتِهِ لهَذا الفقيرِ ..
ابتسَمَ الوَالدُ ثمّ قال : حسناً يا بُنيّ .. وإنّ عملكَ هَذَا منَ البَذْلِ والتضْحية .. وهيَ من القيمِ العظيمةِ التي حثّنَا عليْهَا الإسْلامُ .. وسأذْكرُ لكَ هذهِ القصّة ..
في قَديمِ الزّمان جلسَ الوزيرُ العادل ظهيرُ الدين أبُو شجاع على أريكته ذاتَ يومٍ ينظُرُ في بعْضِ الرّسائلِ التي جَاءتْهُ مِنَ الرعيَّة .. فقالَ وهُوَ ينظرُ فيهَا ويُقلِّبُهَا : أعنّا يا ربِّ على حَلّ مشاكلِ هؤلاءِ الناس .. لا بُدّ مِنَ مُسَاعَدةِ صَديقي أبي عليٍّ .. ثمّ طلبَ من الشُرطيّ أنْ يأتيهِ بصديقهِ الشّيخ أبي عليّ ..
وبعْدَ وصولِ أبي عليٍّ وترحيبِ الوزيرِ بهِ ، سألهُ أبو عليٍّ :
- مَاذَا جرَى أيُّهَا الوزيرُ .. ؟! هَلْ ألمّ بكَ شَيءٌ ؟!
أجابَ الوزيرُ : تعالَ وانْظرْ يَا أبَا عليّ .. إنّهَا مُصِيبَة ..
وعرضَ عليْهِ الرّسائلَ الكثِيرة .. ثمّ قال : هذهِ المظالمُ والمَآسي لا نِهَايَةَ لَهَا .. انظرْ في هَذهِ الرّسِالة !!
نظرَ إليْهَا أبو عليّ وقال: مَاذَا ؟! أرْمَلةٌ فقيرةٌ مَعَهَا أربعةُ أيْتامٍ صغارٍ لا تجدُ طَعَاماً ولا شَرَاباً ...وهُمْ عُرَاةٌ جِيَاعٌ .. لا حَولَ ولا قوّةَ إلا بالله ..
ثُمّ التفتَ إلى الوَزِيرِ وقَالَ له : وماذا يُمكنُكَ أنْ تفعلَ لهَا ؟!!
تنهّدَ الوزيرُ وقال : يا أبَا عليّ .. نشدتُكَ الله أنْ تمضي لنَجْدتِها الآن .. وسيصحَبُكَ هَذا الشّرطيَ ليدلّكَ على بَيْتهَا ..
ثُمّ ناوَلَهُ بدرةَ نُقودٍ منْ مَالِه وقال: خُذْ هذهِ النّقودَ واشترِ لهَا ولأولادِهَا طعَاماً وشَراباً وثِياباً ، وأطعمْهُمْ واكسُهم ثُمّ عُدْ إليّ بخبرِهَا ...
وقبلَ أنْ يخرجَ الشّيخُ أبو عليّ لتنفيذِ مَا طلبَهُ منهُ الوزيرُ رأى الوزيرَ يخلعُ بعْضَ أثوابِهِ ويضعُهَا على الأرْضِ ... فقالَ له : مَاذَا تفعلٌ يَا أبَا شُجَاع .. إنّ الجَوّ باردٌ جِداً .. وهَذَا سَيُؤذِيكَ ..
ردَّ الوزيرُ عليهِ قائلاً : لنْ أرْتَدِيَ ملابسِي هذهِ حتَّى أطمئنَّ على حَالِ هذهِ المَرْأةِ المسكينةِ وأطفالِها الأيْتَام ... اذْهَبْ يَا أبَا عليٍّ ثُمَّ عُدْ إليَّ وأخبِرْنِي خَبَرَهَا ؟
ومضَى الشَّيخُ وقامَ بإصْلاحِ حالِ المرأة المسْكينَة ..
سمعَ مُحمَّدٌ ذلكَ فأسْرعَ نحْوَ حصَّالتِهِ ثُمّ أسْرعَ ليَخرجَ منَ المَنْزلِ فصاحَ بهِ والدُه : إلى أيْنَ يا مُحمّد ؟
فأجاب : سوفَ أذهبُ لأعطيَ مالي هَذَا للرجلِ الفقيرِ وأسْرتِهِ ..
فقال أبو محمَّد : ولكنَّكَ لمْ تتنَاولْ طعامَ الغَدَاءِ ؟!
نظرَ إليْهِ مُحمَّدُ وعلى وجهِهِ ابْتِسامة بريئةٌ وقال: لنْ أذوقَ الطّعامَ حتّى يشبعَ ذلكَ الرجلُ الفقيرُ وعيالُه .










الجار الثمين
بقلم/ عبد الناصر محمد مغنم




رأى أبُو نزيهٍ جارَهُ أبَا عليّ وهُو يُخرجُ أمتعتَهُ ويضعهَا في سيارتهِ ليرحَلَ إلى بَلدةٍ أخرى، فأسرعَ إليهِ وجعلَ يناديهِ ويطلبُ منهُ الوقّفَ قليلاً ثمّ قالَ له:
- ماذَا تفعلُ يا أبَا عليّ ؟
- قال أبو عليّ: عزمْتُ على الرّحِيلِ يا أبا نَزيه ..
تعجّبَ أبو نزيهٍ وقال له: وهل أزْعجكَ أحدٌ حتّى ترحَلَ مِنْ جِوَارنَا يا أبا عليّ ..
ابتَسمَ أبو عليّ ثم قال: كلاّ يا أبا نَزيه, فأنتُم نِعْمَ الجيرَانُ .. ولكنْ ..
قاطَعَهُ أبو نزيه قائلاً: هذا لا يُمكنُ يَا أبَا عليّ .. وأنَا لنْ أسمحَ لكَ بالانتقالِ .. فأنتَ نِعْمَ الجارُ ..
أبُو عليّ: إنّي مُضطرٌ لبَيْعِ بَيْتي يا صَديقِي .. فالدّيُونُ تَراكَمَتْ عليّ ولَمْ أعُدْ قادِراً على سدَادِها ..
أبو نزيه: سَوفَ أقضِي عنْكَ الدّيونَ حتّى يُوسعُ الله عليكَ ..
تدخّلَ نزيهٌ وقال: أرجوكَ يا عمّاهُ أنْ تبقَى ..فنحنُ نُحبّكُم كثِيراً ..
وبرَزتْ عَفافٌ ابنةُ أبي نَزِيهٍ وقالتْ: لا تتركْ البيتَ يَا عمّاه ..
فكّرَ الجارُ أبو عليٍّ ثُمّ قال: حسناً يَا جيراني الأعِزّاء .. لنْ أبيعَ المَنْزِلَ .. ولنْ أتركَ جِوارَ رجُلٍ طَيّبٍ مِثْلَك ..
ظهرَ الفرحُ على عفَافٍ ونزيهٍ وقالا: الحمدُ لله .. سوفَ نذهبُ لنُخبِر ابنكَ عُثمان وابنتكَ فاطِمةَ لنلعبَ سوياً ونحْتفلَ بهذهِ المُناسَبَة ..
وفي تلكَ الليْلةِ جلس كلٌّ منْ نزيهٍ وعفاف معَ جدّهما, وذكَرا لهُ ما حدثَ, فقالَ لهٌمَا:
- هذاَ رائعٌ جدّاً .. وقدْ وقعَ مثلهُ في قديم الزمان .. وسأحدّثُكُمْ عنهُ فاستعوا إليّ ..
في قديمِ الزمانِ .. كانَ هُناكَ رجُلان مُتجاوِرانِ ويُحبُّ بَعضُهُمَا بعضاً .. وهُمَا مُحمّدٌ بنُ الجهمِ وسَعيدٌ بنُ العاصِ .. ولمّا صارَ مُحمّدٌ فقيراً أرادَ أنْ يبيعَ منزلَهُ .. فعرضهُ على أحدِ التّجارِ فقالَ لهُ التّاجرُ: سأدفعُ لكَ في هذهِ الدّارِ عشرةَ آلافِ دينارٍ ..
ووافقَ مُحمّدٌ على الفَوْرِ وقال: هذَا جيّدٌ .. أنا مُوافقٌ, ولكنْ بِكمْ تَشْترِي جوارَ سعيدٍ بنِ العاص ؟
تعجّبَ التّاجرُ مِنْ قولهِ, وصاحَ بهِ: ماذَا تقُول .. أنَا لمْ أسمَعْ مِنْ قبلُ أنّ أحداً باعَ شيئاً اسمُهُ جوار ..
محمّدٌ: هَذا صَحيحٌ, ولكنّ جوارَ صَاحبي مُختلفٌ عنْ أيّ جوار ..
الرجل: وكيفَ ذلك؟!
ابتسَمَ محمّدٌ وقال: لأنّه دائماً يسألُ عنّي إذا غبتُ, ويُعطينِي إذا سَألت, ويُحسنُ إليّ إنْ أسأتُ إليْه, ويَصُلني إنْ قَطَعْتُه, ولمْ أجدْ منهُ أيّ سوءٍ طيلةَ مُجاوَرَتِي لَهُ .. فكيْفَ تُريدُنِي أنْ أتَخَلّى لكَ عنْ جوارهِ دونَ مُقابل..
المشتري: ما دامَ الأمرُ كذلكَ فإنّي أعتذرُ عنْ شِراءِ بَيْتِكَ ..
محمّدٌ: كمَا تُريد ..
وفي المسَاءِ كانَ سعيدٌ يجلسُ معَ زوْجتهِ على مائدَةِ العَشَاء, فقالتْ لهُ زَوْجتُهُ: هلْ علمتَ أنّ جارَكَ يُريدُ بَيْعَ مَنْزِلِهِ والرّحِيلَ إلى مَكانٍ آخَر ..
سعيد: ماذَا ؟ ولماذَا لمْ يُخْبِرْنِي ؟
زوجتهُ: سمعتُ أنّه كُلمَا أرادَ رجُلٌ شِرَاءَ بيتهِ طلبَ منهُ ثمناً لجِوارِكَ, وذكركَ بِخَيْر ..
سعيد: لا بُدّ أنْ أرَاهُ في الحَال ..
زوجته: نعَم .. ولا بُدّ أنْ تُقنعَهُ بعدمِ بيعِ منزلِهِ والبقاءَ فِيه ..
وذهبَ سعيدٌ على الفورِ لرؤيَةِ جارِهِ ..
سعيد: سامحكَ الله يَا جَاري الحبيب، تُريدٌ أنْ تبتعدَ عنّا .. خُذْ هذهِ النّقود ثَمناً لبيتكَ وابقَ فيهِ ..
محمّد: لا يُمكنُ يا سَعيد .. فأنَا أثقلتُ عليكَ كثيراً مِنْ قبل ..
سعيدٌ: لا بٌدّ أنْ تأخُذَ المالَ, ولنْ أرضى بغيرِ ذَلِك ..
محمّد: جزاكَ الله خيراً يا جاري العزيز .. لقدْ فرّجتَ كُربتي فرّجَ الله كُربتك .. والله ما دفعني لذلك إلا الحاجةُ والفقرُ ..
ولمّا انتهى الجدّ مِنْ سردِ قصّتهِ قال نزيه: قِصّةٌ جميلةٌ يا جدّي .. فقدْ حصلَ معَ أبي مثلها تماماً ..
عفاف: المعاملَةُ الطّيّبةُ تُثمرُ خيراً دائماً, ويجبُ على الجَارِ أنْ يشعُرَ بأحْوالِ جيرانهِ ويتفقّدَهُم, فهذَا مِنْ الأخْلاقِ التي علّمَنَا إيّاهَا الإسْلام ..
انتهت








بطلٌ يقبّلُ المسلمونَ رأسَه
د . وليد قصّاب





كانَ هنالك صحابيٌّ جليلٌ، وبطلٌ عظيمٌ من أبطالِ المسلمينَ, وهو من السابقين الأوّلين إلى التصديقِِ برسالة محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلّم، اسمُهُ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ السهميُّ. كان يجاهدُ في سبيلِ اللهِ في بلادِ الرومِ ، وذاتَ يومٍ وقع أسيرا في أيديهم . أخذَه الجنودُ مكبّلا بالأغلالِ، واقتادوه إلى ملكِهم، وعندما رآه الملكُ أُعجب به، ورأى عليه من المهابةِ والوقارِ ما يروعُ ويدهشُ، فأرادَ أن يكونَ من رجالِهِ، فدعاهُ إلى الدُخولِ في دينِهم، أي أنْ يتنصّرَ ويصبحَ منهم، وقال له:
- أعطيك نصفََ ملكي إن تنصّرتَ وتركتَ دينك..
قال عبدُ الله:
- لا أفعلُ ولو أعطيتَني ملكك كلَّه..
فأمر به الملكُ، فعُذِّب عذابا شديدا،و أحرقوا أمامه أسيرا من المسلمين، لكي يُخيفوه ويُرعبوه، وهو راسخٌ لا يضعفُ ولا يلينُ..
وكلّما أمعنوا في تعذيبِه ازداد قوةً وعزيمة، وكلّما قال له ملكُ الرومِ مخوِّفا:
- اتركْ دينَك وإلا ظللتَ تُعذَّبُ حتى تموتَ
قال عبدُ اللهِ بعزيمةِ المؤمنِ القويِّ:
- لا أتركُ ديني أيُّها الملكُ ولو قطّعتَني قطعا.. الموتُ أحبُّ إليّ من ذلك..
ولمّا أدرك ملِكُ الرومِ أنه أمامَ رجلٍ قويِّ الإيمانِ والعزيمةِ كالجبالِ، ولا يمكنُ أن يرتدَّ عن دينِهِ ولو أُعطِيتْ له الدّنيا كلُّها؛ قالَ له:
- حسنا.. قبِّلْ رأسي أيُّها الأسيرُ وأنا أُطلقُ سراحَكَ..
فكّر عبدُ اللهِ في الأمرِ طويلا، وتذكَّر إخوانَه المسلمين المأسورين عندَ هؤلاءِ الرومِ، يُعذَّبون ويُفتنون، ورأى أنّها فرصةٌ لتخليصِهم وفكِّ أسرِهم، وهداه اللهُ إلى أن يضحيَ بشيءٍ من كرامتِه لإرضاءِ هذا الملكِ المغرورِ من أجلِ مصلحةِ إخوانِه المسلمينَ.
قالَ عبدُ اللهِ لملكِ الرُّومِ:
- أقبِّلُ رأسَكَ بشرطِ أن تطلقَ سراحَ جميعِ المسلمين الأسرى عندَكَ..
وافقَ ملكُ الرُّومِ على ذلكَ ، فقبّلَ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ رأسَه، وكان ثمنُ هذه القبلةَِ أنْ خلَّصتِ المسلمين من أسرِهم، وعادوا إلى ديارِهم سالمين.
ولمّا رجعَ عبدُ اللهِ ؛ دخلَ على خليفةِ المسلمينَ ، وهو يومذاكَ عمرُ بنُ الخطابِ – رضيَ اللهُ عنه –فرحّب به عمرُ ، وباركَ صنيعَه، وقال له:
- قبّلتَ رأسَ ملكِ الرُّومِ من أجلِ المسلمينَ، وإنه لحقٌّ على كلِّ مسلمٍ في مقابلِ ذلك أن يقبِّلَ رأسَك الطاهرَ، وأنا أوّلُ منْ سيقبِّلُهُ..
وقام أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ الخطّابِ- رضيَ اللهُ عنه- فقبَّل رأسَ عبدِ اللهِ، ثمّ قام المسلمون جميعا، فقبَّلوا رأسَه، تعظيما لهذا البطلِ، وردّا لمكانتِه واعتبارِه.











قصّةٌ من التاريخِ.. الطيِّبُ يُنجِبُ الطيِّبَ
د. وليد قصّاب




كانَ من عادَةِ الخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ الخطّابِ – رضي اللهُ عنه- أن يخرجَ في كلِّ يومٍ إلى حاراتِ المدينةِ كي يتفقّدَ أحوالَ الناسِ, ويطمئنَّ على أمورِهم, ويتعرَّفَ مشكلاتِهم وهموَمهم, وأمورَ معيشتِهم.
خرجَ الخليفةُ ذاتَ يوم لهذه المهمَّةِ, وبينما هو يطوفُ بين الأحياءِ، سمع من نافذةِ أحدِ البيوتِ حواراً بين بنتٍ وأمِها.
كانتِ الأمُّ تقولُ لابنتِها:
- أَفَعَلْتِ ما أمرتُكِ به؟
فردَّتِ البنتُ:
- لا يا أُمي لم أفعلْ..
فغضبتِ الأمُّ وقالت :
- لماذا عصيتِ أمري ؟ ألم أقلْ لكِ : اخلِطي اللبنَ بالماءِ؟
قالتِ البنتُ:
- ولكن هذا حرامٌ يا أُمي. . وقد نهى أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ الخطابِ عن ذلك.. وسيعاقبُ عليه..
قالتِ الأمُّ :
- وأينَ عمرُ حتى يرانا الآنَ؟
قالتِ البنتُ بثقةٍ وقوةٍ :
- إذا لم يكنْ عمرُ يرانا يا أمي، لأنه بعيدٌ عنا الآنَ، فإن ربَّ عمرَ يرانا، وإذا لم نخفْ من عمرَ وعقابَه أفلا نخافُ اللهَ الذي يرى كلَّ شيءٍ, ولا تخفى عليه خافية ٌ؟..
قالتِ الأمُّ :
- صدقتِ يا بُنَيَّتي..
كان عمرُ بنُ الخطابِ- رضيَ اللّهُ عنه- يسمعُ هذا الكلامَ، فأُعجب بالفتاةِ إعجاباً منقطعَ النظيرِ. أدرك أنها فتاةٌ صادقةٌ, وأنها تقية ٌ قويةُ الإيمانِ.
وفي اليومِ التالي، أرسلَ امرأتََه تخطبُ هذه الفتاةَ لابنِه عاصمٍ.
تزوج عاصمٌ هذه الفتاةَ, فأنجبتْ له بنتاً مباركةً طيبةً, ثم تزوجتْ هذه البنتُ-التي هي حفيدةُ عمرَ بنِ الخطاب، رضي الله عنه - فكان من نسلِها فيما بعدُ الرجلُ الصالحُ العادلُ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، أحدُ خلفاءِ بني أُميةَ، والذي شُبِّه – بسبب تقواه وعدلِه وفضلِه – بالخلفاءِ الراشدين, وصار يعدُّ واحداً منهم، فيسمى "خامسَ الخلفاء الراشدين".
وهكذا انتقى عمرُ بنُ الخطابِ – رضيَ اللهُ عنه –لابنِه الزوجةَ الصالحة َ، ذات الدين، امتثالاً لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "اظفرْ بذاتِ الدينِ ترِبَتْ يداك" فأنجبتْ عظماءَ الرجالِ، لأنّ الطيِّبَ لا يُنجبُ إلا طيِّباً.
















كُنْ أسَداً لا ثعْلَباً .. !!
أ. عبدالناصر مغنم




عانقَ أبو راشدٍ وَلَدهُ وهُو يُودِّعهُ والدُّمُوعُ تسيلُ مِنْ عَيْنَيهِ ..
قال لهُ وهُو يُوصِيهِ ..
- انْتَبهْ لمَا يُمكنُ أنْ تقَابِلَهُ في السَّفَرِ يَا وَلدِي ! ولا تَنْسَ الدُّعَاءَ واللُّجوءَ إلى الله عزَّ وجَلَّ .. فهُوَ المُعينُ والحَافِظُ يَا بُنيَّ ..
طمأنَ راشدٌ وَالِدَهُ ، وقَالَ لَهُ : لا علَيْكَ يَا أبِي .. لنْ أتأخَّرَ كثيراً وسأعودُ إليْكَ قريباً إنْ شَاءَ اللهُ.. ولكنْ لا تَنْسَني مِنْ دُعائِكَ ورِضَاكَ عنِّي أثنَاءَ غِيَابي ..
رفَعَ أبو راشِدٍ كَفّيْهِ إلى السَّماءِ وصَارَ يَدْعُو : اللهُمَّ ارْضَ عَنْ وَلَدِي ، ويَسِّر سَفَرَهُ ، ورُدَّهُ إليْنَا سَالِماً غَانِماً ..
ركِبَ راشدٌ جَوَادَهُ ، وودَّعَ أبَاهُ ، ثُمَّ لَحِقَ بالقَافِلَةِ ..
سَارتْ القَافِلةُ بَطِيئةً نَحْوَ بِلادِ الشّامِ ..
كانَ حادِي القَافِلَةِ يُنشِدُ أجْملَ النَّشيد :


توَقّفت القَافِلَةُ عنْدَ غابَةٍ جميلةٍ للاسْتِرَاحَةِ قليلاً تحْتَ الأشْجارِ ..
نزَلَ راشدٌ عنْ فَرَسِهِ ، ووضَعَ أمْتِعَتَهُ على الأرْضِ ، وشَاركَ النّاسَ في نَصْبِ الخِيَامِ ..
ثُمّ أحبَّ أنْ يَتجوَّلَ في المَكانِ ليتأمّلَ خلقَ الله عزَّ وجَلّ ..
كانَتِ الأشْجَارُ خضراءَ مُثمِرَةً ، والورودُ زاهيةً متفتّحةً .. والعَصافيرُ والطّيُورُ تملأ الأجْوَاء بتغْريدِهَا اللّطيفِ .. وكانَ الهواءُ نَقيّاً صَافِياً ، فاسْتَنْشقَ راشدٌ نَفَساً عَمِيقاً ..
شَعَرَ بِراحةٍ وهُوَ يتأمَّلُ الفَرَاشاتِ المُلوَّنةَ تَتَراقَصُ فوقَ الأزْهَارِ ..
قالَ وهُوَ مُنْشَرحُ الصَّدْرِِ: آآه مَا أجْمَل خلقَ الله! .. سُبحانَكَ يَا ربّ ..
وفجْأةً سَمِعَ صَوتَ أنينٍ بينَ الأشْجَارِ .. صاحَ بقوَّةٍ: مَنْ هُناك ؟ .. مَنْ هذا الذي يَئنُّ ؟
تَكرَرَ صَوتُ الأنينِ مرَّةً أُخْرَى .. أخْرجَ راشدٌ خِنْجَرَهُ ، ثُمّ تقدَّمَ بِحَذَرٍ نَحْوَ الصَّوْتِ ليعْرفَ الخَبَرَ.. أزاحَ الأغْصَانَ التي كانتْ أمَامَهُ وأطلَّ برأسِهِ فرأى ثعْلباً جَريحاً يئنُّ .. كانَ الثّعلبُ قَدْ أُصِيبَ بِقَدمِهِ لوُقُوعِهِ في فَخٍّ للصّيَادِين ، ممَّا أدَّى لِنَزيفٍ جَعلهُ يئنُّ مِنْ شِدَّةِ الألَمِ ولا يَسْتطيعُ الحَرَكة .. وفي أثناءِ ذََلِكَ ارتَفَعَ صَوتُ زئيرِِ أسَدٍ مُخِيفٍ ..
شَعَرَ رَاشدٌ بِخَوْفٍ شَديدٍ ، وأرادَ الهَرَبَ لكنَّهُ فكَّرَ قلِيلاً ، ثُمَّ قَالَ في نفْسِهِ : لا .. فرُبَّمَا شَعَرَ بيَ الأسَدُ إنْ هَرَبْتُ ولَحِقََني وأكَلَني .. سأظلُّ مُخْتبِئاً هُنا لأنظرَ مَاذا سيَحْدُثُ معَ الثّعْلبِ المِسْكين ..
خرَجَ الأسَدُ مِنْ بيْنِ الأشْجَارِ وفي فَكّيْهِ قِطْعةُ لَحْمٍ كَبيرَةٍ ..
تقدَّمَ الأسدُ مِنَ الثّعلبِ وهُوَ يُصْدِرُ صَوتاً خَافِضاً، وألْقى إليْهِ بقِطْعةِ اللحْمِ ، ثُمّ تَرَكَهُ ومَضَى ..
نظرَ راشدٌ إليْهِمَا بتعجُّبٍ شَديدٍ وجَعَلَ يُفكِّرُ بِمَا رَأى .. قالَ في نفْسِهِ : أمعقُولٌ هَذَا الذي أرَاهُ؟ سُبحانَ اللهِ الرَّزَّاق .. آآه .. مَا دَامَ الأمرُ كَذَلك فلمَاذَا أسَافرُ وأتْعبُ مِنْ أجْلِ الرّزْقِ .. هَذا ثَعْلبٌ جريحٌ أتَاهُ طَعَامُهُ وهُوَ نَائمٌ دونَ أنْ يتعَبَ ويُسافرَ هُنا وهُناك .. لقدْ تَكفّلَ اللهُ بِرِزْقِ العِبَادِ .. فلمَاذَا السَّفرُ والعَنَاء .. لنْ أُكمِلَ سَفرِي هَذا أبَداً .. وسوفَ أعُودُ إلى أبي .. فالرزقُ سيأتِينِي مثلما حصَلَ لهَذا الثّعْلبِ دونَ أنْ يبذُلَ أيّ جُهْدٍ .. !!
وركبَ رَاشدٌ جَوادَه ، وعادَ إلى بلَدِهِ .. وعِنْدَمَا التَقى بأبِيهِ ذكَرَ لهُ مَا رآهُ في الطّريقِ ، وكيفَ غيّرَ رأيهُ في السفَرِ وقررَ العَوْدَةَ إلى بلَدِهِ..
نظرَ إليهِ وَالِدُهُ ، ثُمّ قَال : اسْمَعْ يَا بُنَيّ .. الكلامُ الذي قُلتَهُ غيرُ صَحيح .. لأنّ الثّعْلبَ جريحٌ وأنتَ سليمٌ وصحيحٌ، واللهُ يرحمُ الضُّعَفاءَ ويرزُقُهُم ويُريدُ مِنَ الأقْوياءِ السّعْيَ والبحْثَ عنِ الرّزقِ .. وكُنتُ أرِيدُكَ أنْ تكونَ مثلَ الأسَدِ الذي يُطعِمُ الثّعْلَبَ مِنْ بقايَا طَعَامِهِ، لا مِثْلَ الثعْلبِ الذي يأكُلُ من بقَايَا طَعَامِ الأسُود .. فكُنْ أسَداً لا ثعْلباً يَا بُنيّ ..
سمِعَ راشدٌ كلامَ وَالدِهِ فَجَعلَ يُفكّرُ فيهِ ثُمّ قالَ : يَا إلهي .. لَمْ أفكّر بِهَذَا .. !! آآه لقَدْ أخطأتُ ويجبُ أنْ أعُودَ .. ثُمّ نظرَ على وَالدِهِ وقال : أستأذِنُكَ يَا أبي فالقَافِلةُ ليْسَتْ بعيدةً مِنْ هُنَا.. ولا بُدّ أنْ أعُودَ ..
ركبَ راشِدٌ جَوادَهُ وانطلقَ نحْوَ القَافِلةِ




https://soadirijou.3oloum.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى